يُعَدُّ باب المعرب والمبني من أهم الأبواب في النحو العربي، إذ يشكّل الأساس الذي تُبنى عليه دراسة الإعراب وتحليل الجمل العربية، ففهم هذا الباب يمكِّن المتعلم من تمييز الكلمات التي تتغير حركتها وفق موقعها في الجملة المعربة، عن الكلمات التي تلتزم حالة واحدة لا تتبدل وهي المبنية.
في هذا المقال سنشرح المعرب والمبني بطريقة مبسطة ومنظمة، مع أمثلة وشرح وافٍ للأسماء والأفعال والحروف، إضافة إلى أمثلة قرآنية وشروح تساعد على ترسيخ الفهم.
ما هو البناء والإعراب في النحو العربي؟
الإعراب في اللغة مأخوذ من الإفصاح والبيان، أمَّا في الاصطلاح فهو: تغيّر أواخر الكلمات لاختلاف العوامل الداخلة عليها لفظًا أو تقديرًا، وبمعنى آخر الكلمة المعربة يتبدل آخرها أي الحرف الأخير منها بحسب موقعها الإعرابي في الجملة، فمثلاً نقول: جاءَ الطالبُ، والطالب هنا: فاعل مرفوع بالضمة، أو نقول رأيت الطالبَ، والطالب هنا: مفعول به منصوب، فتتغير حركة الكلمة تبعًا لموقعها في الجملة وهذا هو الإعراب.
أمَّأ البناء في اللغة فمعناه الثبات، وفي الاصطلاح فهو لُزوم آخر الكلمة حالةً واحدة لا تتغير باختلاف موقعها في الجملة، أي أنّ الكلمة المبنية لا تتبدل حركتها، بل تبقى ثابتة مهما تغيّر موقعها، مثل: هذا كتابي، وهذا هو اسم إشارة مبني في محل رفع مبتدأ، ومررت بهذا الطالب، وهذا هو اسم إشارة مبني في محر جر بحرف الجر، وعلى الرغم من اختلاف موقع اسم الإشارة في الجمل السابقة إلا أنَّه بقي على حاله بدون تغيير لأنه اسم مبني.
الفرق بين المعرب والمبني في الأفعال
تنقسم الأفعال من حيث الإعراب والبناء إلى مبنية ومعربة أيضًا، لكنَّ القاعدة هنا تختلف قليلًا عن الأسماء، وهي كما يأتي:
الفعل الماضي
الفعل الماضي مبني دائمًا، ولا يُعرب أبدًا، لكن يختلف بناؤه حسب آخره، حيث أنَّه يُبنى على الفتح مثل كتبَ، قالَ، جاءَ، ويُبنى على السكون إذا اتصلت به تاء الفاعل أو نون النسوة مثل كتبتُ، كتبْن، ويُبنى على الضم إذا اتصلت به واو الجماعة مثل كتبُوا.
الفعل الأمر
الفعل الأمر أيضًا مبني دائمًا، وتكون علامة بنائه بحسب آخره، حيث أنَّه يُبني على السكون إذا كان صحيح الآخر مثل اكتبْ، ويُبنى على حذف حرف العلة إذا كان معتل الآخر مثل ادعُ، ويُبنى على حذف النون إذا اتصلت به ألف الاثنين أو واو الجماعة أو ياء المخاطبة مثل اكتبا، اكتبوا، اكتبي.
الفعل المضارع
الفعل المضارع هو الوحيد الذي يُعرب في الأصل، إلا في حالات خاصة يكون فيها مبنيًا وهي كالآتي:
- يُعرب المضارع إذا لم تتصل به نون التوكيد أو نون النسوة مثل يكتبُ، لن بكتبَ، لم يكتبْ.
- يُبنى المضارع على الفتح إذا اتصلت به نون التوكيد مثل ليتكتبنّ، وعلى السكون إذا اتصلت به نون النسوة مثل يكتبنَ.
المبني والمعرب من الحروف
جميع الحروف في اللغة العربية مبنية، ولا يوجد فيها ما هو معرب، فالحروف كلها مبنية، ولا محل لها من الإعراب، ويكون بناؤها بحسب الحركة التي ننطقها في آخرها، مثل مِنْ: حرف جر مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
أمثلة على المعرب والمبني من القرآن الكريم
القرآن الكريم غني بالأمثلة التي تُظهر جمال النحو العربي ودقته، وفيما يأتي بعض الأمثلة التي توضح الفرق بين المعرب والمبني:
قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}، اللهَ: لفظ الجلالة اسم إنَّ منصوب، وهو معرب لأن حركته تغيّرت بسبب موقعه،
غفورٌ: خبر إن مرفوع بالضمة، أيضًا معرب.
- قال الله تعالى: {هذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ}، هذا: اسم إشارة مبني على السكون.
- قال الله تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَـؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ}، يحشرهم: فعل مضارع مرفوع بالضمة، وهو معرب.
- قال الله تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، التي: اسم موصول مبني في محل جر بحرف الجر.
- قال الله تعالى: {وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}، اسم الاستفهام مبني.
· قال الله تعالى: {قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}، السيئة: اسم مجرور بالكسرة وهو معرب.
تعلم أكثر عن المعرب والمبني في تمكين العربية؟
إتقان باب المعرب والمبني لا يعني حفظ القواعد فقط، بل تطبيقها في القراءة والكتابة والتحليل النحوي، لذلك كان تطبيق تمكين العربية من ألف بي، ففيه تطبيق عملي وشرح مبسط لدرس المعرب والمبني في اللغة العربية، وبترافق ذلك مع تدريبات عملية وتطبيق لما درسته في القاعدة، إضافةً لاختباراتٍ تقيس مدى فهمك لما تعلمته، لذلك لا بدَّ لكَ كطالب عربية أن تستعين بتمكين من أجل تمكين القاعدة في ذهنك.
ختاما
إن فهم المعرب والمبني في النحو العربي هو خطوة أساسية لكل من يرغب في التمكن من اللغة العربية قراءةً وكتابةً وتحليلًا، فالإعراب هو سرّ مرونة العربية ودقتها في المعنى، بينما البناء هو وجهها الثابت الذي يحفظ نظامها وانسجامها.








