ما هي قاعدة جمع المؤنث السالم؟
تُعدّ اللغة العربية من أغنى لغات العالم من حيث البنية الصرفية والنحوية، ويظهر هذا الثراء بوضوح في باب الجموع، حيث تتنوع أساليب الجمع بين جمع المذكر السالم، وجمع المؤنث السالم في اللغة العربية، وجموع التكسير، ويأتي جمع المؤنث السالم بوصفه أحد الأبواب الأساسية التي يحتاج المتعلم إلى فهمها بدقة، لما له من حضور واسع في النصوص الأدبية والقرآنية والإعلامية والتعليمية.
وفي هذا المقال سنقدِّم لكم شرحًا كاملًا عن جمع المؤنث السالم، مدعومًا بالأمثلة التطبيقية والإعراب التفصيلي بأسلوب مبسط وعميق.
تعريف جمع المؤنث السالم في اللغة العربية
جمع المؤنث السالم في اللغة العربية هو ما دلّ على أكثر من اثنتين من الإناث، مع بقاء مفرده سالمًا من التغيير، وذلك بزيادة ألف وتاء في آخره، وسُمّي “سالمًا” لأن صورة المفرد تبقى محفوظة دون كسر أو تغيير في بنيته الأصلية، على عكس جمع التكسير الذي يتغير فيه شكل المفرد، ومثالها طالبة: طالبات، معلمة: معلمات، شجرة: شجرات.
شروط جمع المؤنث السالم
هناك ثمانية شروط إذا توفَّر واحد منها في الاسم فإنه يُجمع جمع مؤنثٍ سالم، وهي كما يأتي:
- الشرط الأول: أن يكون الاسم اسمًا لعلمٍ مؤنث، ومثاله مريم: مريمات، خولة: خولات.
- الشرط الثاني: كل اسم خُتم بتاء التأنيث سواء كان الاسم مؤنثًا أم مذكرًا، ومثاله طلحة: طلحات، معاوية: معاويات، ثمرة: ثمرات، بطولة: بطولات، ويستثنى من ذلك الأسماء: امرأة، شاة، أمَّة، أَمة، شفة، مِلّة.
- الشرط الثالث: أن يكون الاسم صفة للمؤنث مقرونةً بالتاء ومثاله: مرضعة: مرضعات، فإذا لم تكن الصفة مقرونة أو مختومة بالتاء لا تُجمع جمع مؤنث سالمًا مثل حامل أو حائض.
- الشرط الرابع: أن يكون الاسم مصغّرًا تصغيرًا للمذر غير العاقل، ومن الأمثلة: دُريهم: دُريهمات، كُتيّب: كُتيّبات.
- الشرط الخامس: أن يكون الاسم مصدرًا للأفعال الرباعية مثل أكرمَ، إكرامًا: إكرامات، أو مصدرًا للأفعال الخماسية مثل تحمَّس، تحمُّس: تحمُّسات، أو مصدرًا للأفعال السداسية مثل استعلم، استعلام: استعلامات.
- الشرط السادس: أن يكون الاسم صفة للمذكر غير العاقل، ومثال ذلك: جبلٌ شاهق يُجمع على جبالٌ شاهقات.
- الشرط السابع: أن يكون الاسم أعجميًا أو خماسيًا لم يُسمع له جمعٌ، ومثال ذلك: تلغراف: تلغرافات، حمَّام: حمَّامات.
- الشرط الثامن: أن يكون الاسم اسمًا لغير العاقل مصدرًا بإحدى هاتين الكلمتين: ابن، ذو أو ذي، أو كان اسمًا لحروف الهجاء، ومثال ذلك: ابن آوى: بنات آوى، ذي القعدة: ذوات القعدة.
إعراب جمع المؤنث السالم
في الحديث عن إعراب جمع المؤنث السالم، يُرفع جمع المؤنث السالم وعلامة رفعه الضمة، ومثال ذلك: المعلماتُ في الاجتماع، المعلمات: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
يُنصب جمع المؤنث السالم ويجرُّ وتكون علامة نصبه وجره الكسرة، ومثال ذلك: إنّ العاملاتِ نشيطاتٌ، العاملاتِ: اسم إنَّ منصوب وعلامة نصبه الكسرة عوضٌ عن الفتحة لأنه جمع مذكر سالم، مثال الجر: ألقى التلميذ كلمةً أمام الحاضراتِ، الحاضراتِ: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره.
ملحقات جمع المؤنث السالم
يُلحق بجمع المؤنث السالم في إعرابه كلمةٌ أولات، ومعناها الصاحبات، ومثال ذلك: رأيت أولات علم، أولات: مفعول به منصوب وعلامة نصبح الكسرة عوض علة الفتحة لأنَّه جمع مؤنث سالم.
ويلحق به ما سُمي به من هذا الجمع ومعنى ذلك كلمات هي في الأصل جمع مؤنث سالم، ولكنها عندما أُطلقت على اسم مفرد صارت ملحقة بجمع المؤنث، ومثال ذلك: أذرعات، وهي اسم قرية في سورية، وعرفات وهو اسم مكان في مكة.
أمثلة على جمع المؤنث السالم مع إعرابها
فيما يأتي مجموعةٌ من لأمثلة على جمع المؤنث السالم مع إعرابها:
أمثلة من القرآن الكريم
- قال تعالى: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ}.
الصالحاتُ: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره. - قال تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ}.
السيئات: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة عوضًا عن الفتحة لأنّه جمع مؤنث سالم. - قال تعالى: {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ ۚ أُولَٰئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ ۖ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}.
للخبيثات: اسم مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره.
أمثلة من الشعر العربي
- قال الشاعر: بأَبي الشُموسُ الجانِحاتُ غَوارِبا اللابِساتُ مِنَ الحَريرِ جَلابِبا
الجانحاتُ: صفة مرفوعة وعلامة رفعها الضمة الظاهرة على آخره. - قال الشاعر: أَمَا وَرَبِّ العَادِيَاتِ ضَبحَا حَقّاً وَرَبِّ المُورِياتِ قَدحَا
العاديات: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره.
تعلم جمع المؤنث السالم مع تمكين العربية
يعدّ تعلم جمع المؤنث السالم في اللغة العربية خطوةً أساسية في مسار إتقان النحو العربي، لأنه يمكّن المتعلم من الانتقال من فهم القاعدة المجردة إلى توظيفها توظيفًا صحيحًا في الكلام والكتابة، وفي إطار تطبيق تمكين العربية من ألف بي، لا يُقدَّم جمع المؤنث السالم بوصفه قاعدة للحفظ، بل يُعلَّم من خلال السياق اللغوي الحي؛ إذ يبدأ المتعلم بملاحظة الصيغة في نصوص قصيرة مألوفة، ثم يستنتج القاعدة بنفسه، فيدرك أن المفرد المؤنث يُجمع بزيادة الألف والتاء مع بقاء بنيته الأصلية سليمة.
بعد ذلك ينتقل التطبيق إلى مرحلة الممارسة، حيث يُطلب من المتعلم تكوين جمل من واقعه اليومي مثل الحديث عن الطالبات والمعلمات والمهارات المكتسبات، مع ضبط الإعراب في مواقع الرفع والنصب والجر، ويُعزّز تمكين العربية هذا التعلم بربط الجمع بالمعنى، فيُسأل المتعلم عن أثر الصيغة في الدلالة، لا عن العلامة الإعرابية فقط، مما ينمّي لديه الوعي اللغوي ويجعله قادرًا على استخدام جمع المؤنث السالم استخدامًا تلقائيًا صحيحًا، وبهذا التكامل بين القاعدة والتطبيق، يتحول النحو من عبء ذهني إلى أداة تعبير فعّالة، ويصبح جمع المؤنث السالم جزءًا حيًا من ملكة المتعلم اللغوية.
ختاما
يُعد جمع المؤنث السالم ركنًا أساسيًا في النظام النحوي للغة العربية، ويعكس جمالها وانضباطها في آنٍ واحد، ومن خلال هذا المقال، حاولنا تقديم شرح شامل يجمع بين القاعدة والتطبيق والإعراب، بما يحقق الفهم العميق لا الحفظ المؤقت للقاعدة.








